يوم عيد ميلادى
كان يوم عيد ميلادى . . .
وأخذت إبنتى الوحيدة للغذاء سويا كعادتنا ومن مفارقات القدر أن يكون هوأيضاً نفس يوم عيد ميلادها هى الآخرى..
وبدأنا نضحك سوياً على الأباء و الأبناء المولودين فى أيام مختلفة ..
كأننا نحن القاعدة وهم الشواذ ..
وبعد أن قرأت قائمة الطعام وأنا أضعها مرة أخرى على الطاولة ..
فإذا بحبيبتى الأولى أراها أمامى مباشرة تجلس على بعد ثلاثة أمتار!!
وهذه أول مرة أراها فيها بعد عشرين عاماً منذ أن افترقنا ..
لم أتساءل أو أتردد هى أم لا ..
حتى لو رأيتها فى عالم آخر غير الذى نعرفه سأعرفها ..
لن أخطىء أبداً ..
عيون الغزلان التى كنت أغرق فيها حبا الى أن أموت لتحيينى بلمسة منها لأبدأ الغرق من جديد !!
فى كسر من الثانية إستعاد عقلى ووجدانى الذكريات و المشاعر..
كم هو رهيب و معقد العقل البشرى كيف يختزن الحب و يسترجعه حتى رائحة العطر الذى كنت قد أهديته لها شممته ..
لمعة العيون ..
لهفة اللقاء
لوع الفراق كأنى سافرت عبر الزمن بسرعة أكبر من سرعة الضوء فى غمضة عين ... أضخم أنواع الحاسبات التى أخترعها البشر لا تختزن سوى المعلومات و الصور و الصوت أما الإحساس فهو روح و الروح من عند الله و هى ما من به الخالق على المخلوق ..
واسترجعت أجمل ذكريات العمر..
كيف إلتقينا وكم كانت شديدة التميز ومازالت !
و كنت أيامها لا أملك سوى بكالوريس الهندسة و أحلاما بعرض المجرة و ثقة الملوك فى النجاح ..
وكيف افترقنا وأصعب أنواع الفراق فى الحب هو الخارج عن أرادة الطرفين ..
وخرجت مهزوماً و كم عشقت الهزيمة !!
يا لا سخرية القدر كل هذا يحدث اليوم ؟؟
يوم عيد ميلادى ..
ومؤكد أنها هى الآخرى تعلم علم اليقين أنه عيد ميلادى !!
ونظرت للقدر فى السماء مبتسماً له لأنى طالما تخيلت القدر موظفاً عند الخالق الأعظم – الله – يقول له كن فيكون !..
ولقد كنت أيامها شابا أنحت الصخر لأصنع قدرى و حينما نضجت أدركت أن
" قدرك قد صنع مقدماً كل ما عليك هو الإستمتاع به أو المعاناه معه "
فهو إختيارك فى النهاية - لغز الحياة - ..
أفقت من ذكرياتى على صوت أبنتي
" بابا مالك ؟ "
عدت للواقع بنفس السرعة التى سافرت بها و نظرت لإبنتى كأنى أراها لأول مرة و أحتضنتها ...
وتأكدت أنه لم يكن من الممكن أجمل مما كان..
لأن هذه هى حياتى و أمسكت يدها فرحان بالواقع راضياً حامداً و قلت لها لنذهب و نأكل فى مكان آخر ..
لنجرب مطعماً جديداً بدلا من المطاعم القديمة
سامح يوسف إدريس
Comments
Post a Comment